أول الكلام
موافقة الحكومة اللبنانية على اللجوء إلى صندوق النقد الدولي كخشبة خلاص وحيدة للحد من تفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية، وتدهور سعر صرف العملة المحلية أمام الدولار الاميركي، دونَها مخاوفُ من أن يكون الأمر شَرَكاً نصَبَتهُ قوًى كبرى في العالم، كانت تدرك مسبقاً أن حلفاءها المتعاقبين في السلطة قد مارسوا الهدر والفساد وعدم الانتاجية، وهدموا الاقتصاد المنتج لصالح اقتصاد ريعي خدماتي مصرفي.
والاقتصاد هذا يجني أرباحاً خيالية من عمليات استثمار في سندات الخزينة، التي استنفدَت أموال المودعين اللبنانيين، ويشكل المغتربون منهم في قارات العالم المودِعَ الأكبرَ في مصارف لبنان، وهم اليومَ يعانون من الحجز على ما تبقى من أموالهم، ومن تشديد الرقابة الدولية إلى حد منعها تحويلاتِهم الخارجيةَ. ذلك أنَّ الإجراءات الأمريكية تهدف إلى محاصرة المقاومة في لبنان، بعدما تفاقم دورها المنافس والمخرب للخطط الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة، وبعدما شُنَّت عليها كل أنواع الحروب والعمليات العسكرية مباشرة عَبر جيش الاحتلال الاسرائيلي، أو عبر الوكلاء والاجراء في المنظمات الإرهابية كداعش والنصرة والأسماء الأخرى ذات المضمون الواحد..
فإذا بالخيار المتبقي: التجويع والتفقير والحصار، كما يجري على غزة وايران، وقبلها بزمنٍ كوبا وكوريا، ومؤخراً فنزويلا... فهل ستنجح الإرادة الدولية المتمثلة بصندوق النقد بفرض شروط سياسية على الحكومة اللبنانية لإحراج بعض مكوناتها والدفع بها إلى موقع المتهم بتسبيب المعاناة لِمواطني كل الطوائف، بفعل الضائقة الاقتصادية والإفلاس المالي؟ وعليه، هل ستفرض على اللبنانيين التخلص من سلاح المقاومة وحضورها النافذ في الاقليم؟ أم ستُطيلُ أمد الأزمة المعيشية إلى حد توريط البلد في انفجار اجتماعي أمني داخلي تخشاه المقاومة، ولا تريده في واقع شديد التعقيد في مكوناته المذهبية والدينية والسياسية؟..