في محنة كورونا؛ هل ترودو رجل المرحلة، أم ماذا؟...

  • article

 

سامر مجذوب

بعيداً عن ثقافة التبجيل والتطبيل والانحياز السياسي الأعمى، يمر الوطن الكندي، مشاركاً دول العالم كلها، بظرف دقيقٍ هو من الخطورة بمكان لم تشهد له البلاد مثالاً منذ تأسيس الإتحادية الكندية في ١٨٦٧.

هذا الظرف الخاص جدا يتطلب قيادة مميزة تدير حالة الطوارىء التي تمر فيها كندا. وهنا يأتي دور رئيس وزراء الكندي، جوستان ترودو، والحكومة الفيدرالية تحت مجهر تقييم كيفية إدارة شؤون وشجونِ الوضع الاستثنائي، بكل نواحيه السياسية والمالية والأمن الاجتماعي.

ومع تشوُّش الرؤية وفقدان المعلومات الموثوقة حول انتشار وخطورة فيروس كورونا، طرقت الحقيقة المُرَّة أبواب كندا، وبدأ انتشار الوباء بشكل مضطرد وسريع في أرجاء الوطن، ما أدى الى حالة من الخوف عند المواطنين الكنديين، وضغطٍ شديد على الأنظمة الطبية التي تديرها المقاطعات، فزادت حالة التوتر في البلد.

هنا استُنفِرَت أجهزة الحكومة الفيدرالية بكل وزاراتها وأقسامها للتعامل مع الحدث، الذي لم يكن في الحسبان حتى في أكثر السيناريوهات صعوبة التي تضعها، عادةً، الحكومات في الدول الديمقراطية. وتمثلت المفاجأة الأولى بالحجر الصحي الذي اضطر إليه رئيس الوزراء جوستان ترودو بعد إصابة زوجته بفيروس كورونا بعدَ عودتها من زيارة لبريطانيا آنذاك.

في ظل الظروف الخاصة والعامة الصعبة والحساسة جداً، انبرى جوستان ترودو لقيادة هذه المرحلة بقمة الهدوء والثقة والبعد النفسي. وبدأ الرجل بالظهور الاعلامي اليومي أمام ملايين الكنديين، مخاطباً إياهم بلغة هادئة رزينة معتمدة على شفافية المعلومات المُعطاة. إضافة إلى أن في خروج الرجل دائماً فائدةً: إبقاء المواطنين على معرفة بآخر التفاصيل والإرشادات الطبية وإجراءات الوقاية المطلوبة.

لم تقف الأمور هنا، بل كان لظهور ترودو عامل إضافي مهم جعل من البلاد تنعم بالسلم المجتمعي من خلال عروضه المستمرة لتقديمِ المساعدات المالية ببلايينَ من الدولارات، بداية من الموظفين الذين فقدوا أعمالهم بسبب قرارت الإغلاق، إلى الكثير من شرائح المجمتع، فكلِّ ناحية من نواحي الاقتصادية. لقد حاول الرجل أن يغطي حالة القلق الشديد التي انتابت أبناء الوطن كافة.

وكانت الحنكة السياسية مطلوبة بقوة في التعامل مع الحكومات المحلية للمقاطعات الكندية،  ومع الخلفيات السياسية لكل الأحزاب التي تحكم فيها، ومع طلبات تلك المقاطعات المتواصلة، خصوصاً من ناحية المواد الطبية المستعجلة للتعامل مع انتشار الوباء. وأظهرت الحكومة الفيدرالية الكثير من المرونة بالتعامل مع المعارضة، وبعض طلباتها بمراجعة وتعديل قوانينَ كان لا بد من تمريرها بالإجماع لِما لها من أهمية.

لا ينكر أحدٌ ان اللهجة الواثقة من نفسها التي تميز بها ظهور جوستان ترودو اليومي، بطبيعة الحال مدعوماً بفريق عمل قوي وخبراء في الميدان، وثقافةُ احترام الانسان أعطت جرعات نفسية أدت إلى التوازن عند عموم الشعب الكندي في التعامل مع وباءٍ قاتلٍ لا يميز بين فرد وآخر وبين منطقة وأخرى. وأبعدت الإجراءات التى اتخذتها الحكومة الفيدرالية حالة الاحباط واليأس من المجتمع الكندي الذي لمس أنه له سلطة تَرعى شؤونه وتخوفاته.

           

معرض الصور