السلام عليكم : لا ينبغي أن يكون مكانٌ للكره بيننا

  • article

 حسين حب الله – مونتريال

أثار قرار عدد من البلديات في مقاطعة اونتاريو برفع الأذان خارج المساجد خمسَ دقائقَ عند وقت الافطار ردودَ فِعل اعتراضية من جهات عربية في مدينتَي ويندزر وميسيساغا، تسببت بإثارة فتنة كنا بِغنًى عنها.

ففي مدينة ميسيساغا تقدم معترضون برسالة مفتوحة مرفقة بثلاث عرائض إلى البلدية بذريعة "انتهاك حقوق الانسان". وجاء في الرسالة: "يمكن السماح للراغبين في الاحتفال بالأعياد الدينية بالقيام بذلك دون التعدي على حقوق الآخرين". من دون التوضيح كيف يُتعدَّى على الآخرين!

وقال منظم العريضتين عبر موقع "التغيير" (Change.org) جون جرجس، وهو صيدلي بارز من الجالية القبطية في ميسيساغا: "أعتقد أن كل دين وعِرق وشعب يجب أن يُعامل على قدم المساواة، وأن المعاملة لا يجب أن تكونَ تفضيلية". "أنا ضد التعليقات البغيضة التي أُدلِيَ بها".

وقامت إدارة موقع "التغيير" بإزالة العرائض "لانتهاكها قواعد تفادي نشر الكره في المجتمع" رغم أن إحداها جمعت قرابة عشرينَ ألف توقيع. وأعرب جرجس عن ارتياحه لإزالة الموقعِ العريضتين. وقال جرجس إنه ليس كاتب الرسالة المفتوحة المرفقة بِهما، ولا يعرف من نشر العريضة الأخرى على موقع "إنطلق أيها المواطن" (CitizenGo.org) التي حصدت أكثر من 11,000 توقيعٍ.

هاني توفيليس، وهو عضو بارز في الجالية القبطية في ميسيساغا ومرشح سابق على لائحة حزب المحافظين الفدرالي، نشر رسالة مفتوحة على فيسبك اعتبر فيها "أن السماح بالأذان سيعيد ذكريات الحرب المرّة إلى الجنود الكنديين الذين قاتلوا في البلدان الإسلامية مثل أفغانستان أو العراق، والذين يعانون من الصدمة وما يعرف باسمِ "اضطراب الكرب وليد الصدمات" (PTSD)". وأضاف توفيليس "كل ما أود قوله في الرسالة هو أنني أنا لا أحاول أن أعارض أي شخص أو مجتمع، ولكن هناك قانون متعلق بالضوضاء، ولم تتبع البلدية المسار الصحيح في استثناءِ المساجد من القانون".

رئيسة بلدية ميسيساغا بوني كرومبي دافعت عن قرار البلدية وقالت: "الفكرة وراء القرار هي تعزيز الإحساس بالانتماء للجالية المسلمة التي يُمنع أبناؤها من الذهاب إلى المساجد في خلال شهر رمضان بسبب الجائحة التاجية (COVID-19).

ونقل موقع فايْس (VICE) عن كرومبي قولها: "منذ تمرير هذا الاقتراح، تلقيت - للأسف - العديد من رسائل البريد الإلكتروني والمكالمات والمشاركات المزعجة على وسائل التواصل الاجتماعي في معارضة لقرارنا". وقالت "في حين أن للناس الحق في إبداء رأيهم، لا مكان للكره أو التعصب في مدينتنا". كلام كرومبي وضع حداً للدعوات إلى إلغاء الأذان في هذه المدينة التي يشكل فيها المسلمون 12% من عدد السكان. 

الوضع في مدينة ميسيساغا لم يكن الحال أحسن منه في ويندزر، حيث سُجِّلَت عريضة أخرى وتحركات لم تلقَ آذاناً صاغية، ولكنها تركت ندوباً في العلاقة بين مكونات الجالية. فقد عُقِد اجتماع عبر موقع "زوم" بين ممثلين عن الجالية الكلدانية ورئيس البلدية درو دلكينز، كُشِف على أثره تسجيل منسوب إلى رئيس الرابطة الكلدانية الأستاذ جورج مرقص، موجهٌ إلى "ناديَي ويندزور ولندن".

ومما جاء في التسجيل: "... كان الروح القدس معنا... وتحدثنا عما يدور في بالكم، ولكن بالطريقة التي لا تجرح أحداً". وأضاف: "شرح لنا الظروف التي رافقت القرار (السماح ببث الأذان من المساجد في ويندزور في شهر رمضان) ونحن أبلغناه مخاوفنا من المستقبل. وتابع: "وعدَنا رئيس البلدية بشكل قطعي أن لا يُناقَش (أي طلب في المستقبل)، وهذا وعد أعطانا إياه ولن يُؤذَّنَ بعد ذلك.. سواء في أيام الجمعة أو المناسبات الأخرى... فقلنا له إن هذا شيء جيد بالنسبة لنا".

هذه المواقف لمرقص أثارت ردود فعل عنيفة، فتعالت الأصوات بمقاطعة المؤسسات التجارية في المدينة، التي لها ارتباط بالرابطة، ما دفع السيد مرقص إلى إصدار توضيح عبّر فيه عن صدمته "لرد الفعل والهجوم والتحريض من بعض المواقع والأفراد، والتسبب بفتنة وشرخ بين الإخوة بسبب شريط صوتي سرَّبه أحد الخونة من أجل أهدافٍ خاصة، فأُخرِجَت بعض كلماته من السياق الذي قيلت من أجله".

ولفت إلى أنه: "لِلأسف الشديد، هناك مغرضون يريدون الخراب والتخريب بين أبناء هذه المدينة لأغراض خاصة. وقال: "تعالوا لنحتَكم للعقل ونبني مدينتنا يداً بيد، إخوة في الانسانية، تجمعنا المواطنة والمبادئ المشتركة بين عقيدتينا، وستجدوننا إخوة متعاونين، وأيدينا ممدودة للتعاون".

رئيس بلدية ويندزور درو دلكينز قال في خلال لقاء مع الجالية الاسلامية عن السماح بالأذان: "هو واحد من القرارات التي أفتخر بإتخاذها، وأتمنى أن يجلب سماعه الطمأنينة لأبناء الجالية المسلمة". وشدد دلكينز على أنَّ "على الجميع أن يحترم عَيشنا في مجتمع ديمقراطي فيه العديد من الآراء والمعتقدات. لا مكان في مدينتي للكره والتعصب... نحن لا نؤيد التعليقات السلبية غير العادلة".

في الوقت الذي تنفتح الكثير من الجاليات الدينية و"الإثنية" والعرقية على بعضها، من الغريب جداً أن تصدر مواقف من بيننا ضد رفع الأذان، فيما كانت هذه المواقف متوقعة من مجموعات يمينية متطرفة تعوَّدنا على تعصبها وكرهِها للإسلام والمسلمين. ونأمل أن يعود المتسببون بالكره إلى رشدهم ويقلعوا عن بثِّ أحقاد حملوها معهم الى كندا، حان الوقت لتجاوزها في مجتمع ينبذ الكارهين من أي طرفٍ كانوا.

ونشد على أيدي "أهل التعقل والمعرفة والأخلاق لاتخاذ موقف معارض لهذا الشيء، ومن شارك في هذا الشيء للتراجع عنه ولإصلاح الحال والإقلاع عن هذا التصرف لئلا تتفاقم الأمور سلباً، فأنتم إخوتنا وأهلنا وبيننا الكثير من المشتركات“، كما عبّر إمام مؤسسة الامام الحسين في ويندزر سماحة الشيخ عبد المنعم شرارة. فالمستقبل في هذا البلد للجميع، من الذين يرغبون في العيش في ظل الانفتاح والتسامح والترفع عن الأحقاد.               

 

 

 

معرض الصور