كذب المنجمون ولو صدقوا

  • article

 

د. علي ضاهرـ مونتريال

 

مع حلول جرثوم "الكورونا" ضيفاً ثقيلاً على البشرية برفقة المَنَايَا التي خبطت خبطَ عارف بين البشر فأردَت منهم ما تيسر لها، أكثرهم طبعاً من الفقراء، وتركت أكثر البشر، دون تفرقة بينهم، خائفين جزعين لا يعرفون إلى أي شفيع يلتجئون وبأي منقذ يحتمون، وأيَّ قدّيس ينادون، ومن أي مخلّص يلتمسون النجاة، وإلى أي وَلِيّ صَالِح يتوجهون.

إزدهرت تجارة الإستغلال واللعب على أعصاب المهمومين والقلقين، وتنامت طرق بيع الطمأنينة للخائفين والحائرين، المستعدّين لبذل الغالي والرخيص في سبيل الحصول على ذرّة راحة نفسية وحفنة طمأنينة، وتزايد الدجل وازدهر الكذب، وتضاعف الإبتزاز وكثر الغش.

 

وتشكّلت تربة صالحة نما عليها النصَّابون وعشعش فيها المنجمون، فبرطع المحتالون وسرح الغشّاشون، ومرح الخدّاعون وتنعّم الدجالون، وتضخّمت أعمال ضاربي الرمل وقارئي الكف والفنجان، فتدافع الناس لأخذ الكلمة من أفواه الدجّالين الذين جهدوا في بيع الأوهام والأحلام، وجَدّوا في أخذِ اللقمة من فم الضعيف والمسكين واليائس، وسحبِ الأموال من جيوب المحبَط، والإستحواذ على صرّة وبقجة من سدّت الأَبْوَابُ فِي وَجْهِه واسْتَبَدَ بِهِ الْيَأْسُ فأصبح كالغريق المتعلق بحبال الهواء، يلجأ الى عضو من أعضاء تلك العصبة الكاذبة، بحثاً عن حل، حتماً زائف، يأتيه عن طريق أوهام يشتريها، ناسياً أن كل الذين يدّعون معرفة الغيب، او يتبجحون بإنتمائهم الى فئة "المكشوف عنهم الحجاب"، او يفتخرون بتآخيهم مع الجن هم عصبة لا أقارب ولا إخوة لهم بين الجن، ولا بين الإنس، ولا يعرفون الحاضر ولا الغائب، ولا ينتمون للمكشوف عنه الحجاب ولا للعاري تماماً، ولا حتى للمستور بألف بُرقع ونقاب.

 

فهذه الفئة التي تقول بمعرفة الغيب والقدرة على كشف المستور وفكّ السحر وإبعاد الأذى والحماية من الأمراض هي فئة منافقة وكاذبة حتى لو صدف أن أصابت الواقع. ألَم يُقَل عنهم: "كذب المنجّمون ولو صدقوا"؟