لماذا التماهل في مواجهة كورونا؟

  • article

 لاحظ المراقبون ومن وصل عبر المداخل الجوية في بعض البلدان الاوروبية وكندا واميركا أن هذه الدول لم تكُن قد اتخذت اجراءات صارمة لمنع انتقال الفيروس وانتشاره قبل وصفِ منظمة الصحة العالمية إياه بالوباء العالمي المتفشي، فبقيت الرحلات جواً وبراً وبحراً على حالها. وهذا يعني انتقال آلاف المسافرين من قارة إلى أخرى ومن بلد الى آخر في غضون ساعات معدودات، فما الذي جعل سلطات هذه البلدان تتباطأُ في فرض إجراءات ميدانية تحُول دون سرعة انتقال العدوى وتوسُّع بقعة إصاباتها من شرق الأرض إلى غربها؟؟

مجلة "تايْم" في عددها الاخير علّلت الامر ولو في جزء منه بالمعلومات الخاطئة التي وصفت الفيروس في البداية على انه شبيه بالانفلونزا في عوارضه وآثاره، مما نزع صفة الخطورة عنه على الرغم من حجم الضحايا التي حصدها ابتداء في الصين ولاحقا في إيران.. وتعامل البعض معه كأنه مرض يصيب شعوباً ذات عِرق معين، وهذا كان إمعاناً في التضليل، جعل المجتمع الابيض يضع قدميه في الماء البارد ناظراً الى ما يجري في وُوهان وَقُم كأنه يجري في كوكب آخر على مخلوقات غريبة لا تشبهه بشيء..

وما إن انتشر الفيروس في إيطاليا وبقية الدول الاوروبية بشكل فاق البدايات حتى تنبه المعنيون في هذه الدول، وفي الولايات المتحدة على وجه الخصوص، إلى ان مجتمعاتهم ليست بمنأًى، وأن حياة الآلاف من المواطنين ستكون عرضة للمرض او الموت في ظل غياب التجهيزات اللازمة لاستيعاب أعداد كبيرة من الاصابات في وقت واحد...

وهذا بدوره يكشف عن خلل مجتمعي وإداري عزاه بعض المحلّلين إلى إغفالِ العبرة من الامراض المشابهة التي تفشت في السنوات الماضية كمرض "سارس" وغيره، وإغفالِ تخصيص الدول المتقدمة ميزانياتٍ مهمةً تُصرَف لِمراكز البحث الطبي والمختبرات لإنتاج اللقاحات والعلاج اللازم لِفيروسات كهذه.

وكأن خطط التطوير العمراني والتنشيط الاقتصادي تحتل سلَّم الاولويات! بينما تبيِّن الازمة الصحية الحالية أن التهديد الوبائي قد يدمر اقتصاديات دول عظمى كالصين والولايات المتحدة، وأن حماية الانسان في صحته وسلامته يجب من الآن وصاعداً أن تكون أوْلَى الاولويات بدلاً من الإنفاق الجنوني على سباق التسلح وغزو الفضاء، فمن الذي سيسكن فضاءات الكواكب الاخرى إذا لم يستطِع الانسان أن يحافظ على بقائه في فضاء كوكب الارض؟؟

إن ما جرى ويجري حالياً يجب ان يُتوقَّفَ أمامَه ملياً وإلا فإن القادم من التحديات قد لا يُبقي ولا يَذَرُ.