د. علي ضاهر
يقال: " الرجال يُعرَفون أيام الشدائد، لا أيام الموائد". بمعنى ان معادن الناس تتكشف على حقيقتها في ساعات الشدّة، لا في ساعات الرخاء. وأيام الشدة التي طالت البشر مؤخراً دفعتني للتمعن في حالي وأحوالي، وساعدتني في التعرف إلى ذاتي والكشف عن خبايا وخفايا نفسي، التي عادة ما كنت احاول حجبها او تنميقها.
اذا الأمر لا يقتصر على الصينين وأن القضية ليست حصرية بهم، بل هي تعصف بالبشرية عامة. عندها أيقنت انني قد أطلقت الأحكام دون براهين، مما يدل على أنني عنصري أصيل ومتعصب كامل الأوصاف، غارق في التمييز بين البشر، محاط ببحر من الأحكام المسبقة عن المختلف، متورط حتى النخاع في استعمال التعميمات المبنية على الصور النمطية، وعلى أتم الإستعداد لإستقبال التلفيقات الخاطئة بشأنه. فرُحت ألقي اللوم على نفسي وأجلد ذاتي لِعنصريتي. لكن سرعان ما فكرت: "هل أنا العنصري الوحيد؟ ام أننا كثر"؟
وجاء الرد على السؤال من انقسام اللبنانيين حول فيروس الكورونا وجذوره وأصله وطرق الحد من انتشاره، فَفِئات كثيرةٌ، من منطلقات عنصرية او مذهبية، وجدت فيه الفرصة المناسبة للإنقضاض على فئات اخر، متهمة إياها بنشر الكورونا في البلد المحصن "بِأرز الرّب". فكيف له إذاً أن يصاب! كما أن شخصاً يحمل لقب "حكيم" إقترح حصار المخيمات الفلسطينية كطريقة لمكافحة الكورونا، بدلاً من الحجر على مناطق ينتشر فيها المرض. عند سماع اقتراح كهذا حمدت لله على وجود أمثال هؤلاء العنصريين، فعنصريتهم ساعدت في تَلْطيف عنصريتي ودفعتني الى اِستسماح نفسي بعدَ الظلم الشديد الذي أنزلته بها! فيبدو اننا لا نعلم أننا ﻤﻥ ﺍﻟمتسامحين ﺤﺘﻰ نسمع بأخبار العنصريين!