خيوط العنكبوت و الحضارة الزائفة

  • article

عادل حبيب - مونتريال

تشير طريقة تعاطي السلطات الامريكية مع الاعصار الوبائي الذي يضرب العالم اليوم الى مروحة اسئلة تحمل الطابع التشكيكي بمسؤولية الولايات المتحدة الامريكية عن انتشار الوباء و الاهداف الكامنة وراءه....

وقد راقب العالم انطلاق الاتهامات الموجهة الى امريكا بعد تعافي الصين من الموجة الاولى للوباء و حصرها عملياً. وجاءت الاسئلة الصينية الاولى على شكل محضر تحقيق يهدف الى تثبيت وقائع اكتشفها الصينيون في معرض التحري عن اسباب ما حصل...

ولكي نعالج الموضوع من زاوية عملية بعيدا عن نظرية المؤامرة  نعرض لبعض مقتطفات كتاب وليم بلوم: -الدولة المارقة-  دليل الى القوة العظمى الوحيدة في العالم...

"ادلى الدكتور دونالد ماك آرثر نائب مدير الابحاث و التخطيط في وزارة الدفاع الامريكية في 9 حزيران عام 1969م بشهادة امام الكونغرس فقال:ايها السادة خلال 5 او 10 سنوات على الارجح سيكون بمقدورنا تطوير انواع مستحدثة من الجراثيم المجهرية المعدية ،التي سوف يتمايز تأثيرها على اي صنف آخر مستعمل حاليا . سوف تنبع اهميتها من قدرتها على مقاومة اي تدخل علاجي او مناعي".

قبل عدة سنوات من هذا التصريح و في العام ١٩٥٢م اثناء الحرب الكورية ،اعلنت الحكومة الصينية وقوع العديد من الاصابات المفاجئة و المميتة بين مواطنيها بسبب جراثيم مثل الطاعون والجمرة الخبيثة والاستسقاء الدماغي . ثم ما لبث الصينيون ان اسروا 36 طيارا امريكيا اعترفوا خلال التحقيق معهم بانهم القوا فوق اجواء كوريا و شمال شرق الصين حمولة طائراتهم التي كانت تحوي  عبوات من الحشرات و الجراثيم و ريش الطيور و بقايا موبوءة لاسماك و حيوانات نافقة ،وتعززت تلك الاعترافات بصور مريعة عن العبوات الجرثومية و الحشرات و القنابل البيولوجية.

تم لاحقا تشكيل لجنة تحقيق علمية دولية تضم علماء من سبع  دول اصدرت تقريرا معززا بالصور التوثيقية بلغ حجمه 600 صفحة جاء في خلاصته:" لقد ثبت لدينا بشكل قاطع ان شعبي كوريا و الصين تعرضا لاعتداءات باسلحة جرثومية من قبل وحدات في الجيش الاميركي".

يتابع بلوم: في منتصف الخمسينات قصفت امريكا جزر البهاماس في المحيط الكاريبي بمستحضر جرثومي ادى لنفوق اعداد هائلة من الحيوانات....النتائج و الاسباب سر من اسرار الدولة ....

يتابع بلوم: عام 1962م جندت المخابرات الامريكية خبيرا زراعيا كنديا كان يعمل مستشارا لدى الرئيس الكوبي وكلفته بنشر جرثومة "نيوكاسل"القاتلة في مزارع ديوك الحبش الكوبية و قد اعترف بفعلته بعد القاء القبض عليه و بانه تلقى اموالا من الامريكيين لقاء فعلته تلك.

يتابع:عام 1971زودت السي آي اي بعض المعارضين الكوبيين بفيروس حيواني لنشر حمى الخنازير الافريقية ،حيث اعدمت السلطات يومها نصف مليون خنزير .

عام 1980 توجهت باخرة امريكية من فلوريدا الى كوبا وعمدت لاطلاق شيئ من حمولتها في الجزيرة على شكل اسراب من البعوض الماص للدماء ونشرت ما يعرف "حمى ابو الركب"واصيب 300 الف كوبي باعراض شبيهة بانفلونزا ..

للتوسع و الاطلاع على الجرائم الامريكية بحق البشرية يرجى مطالعة كتاب وليم بلوم...

الصينيون عندما يوجهون اصابع الاتهام للجيش الامريكي بنشر الفيروس انما يرتكزون الى وقائع شبيهة حصلت في التاريخ القريب وما يعزز فرضية المسؤولية الامريكية عن الوباء الحالي هو العداء والاستهداف الامريكي المباشر للدور الصيني العالمي  المزاحم للريادة و السيطرة الامريكية على مقاليد الاقتصاد العالمي.

حتى الان كرة الاتهامات تتدحرج و شعوب عديدة بدأت تنظر للامر من زاوية النظرة الصينية وطريقة مقاربتها للاسباب و النتائج و الاهداف المتوخاة من هكذا عمل.

بعد الرد السياسي الصيني بدأت الهجمة الانسانية المرتدة لمحور الدول المقتدرة علميا و تكنولوجيا ، حيث تميزت الصين بتجاوز الاعتبارات الشكلية وبدأت بمساعدة الدول المتضررة من هذا "العدوان الذي سوف يظهر من قام به". اطقم طبية صينية،كوبية رأيناها في ايطاليا  و اسبانيا و صربيا  تجاوزت حلف الناتو و"هاجمت انسانيا تلك الدول التي تبرأت منها منظومة الاخلاق الغربية المنحطة . ولعل في هذا الفايروس حسنة خفية تكمن في تعرية الغرب اخلاقيا و انسانيا حيث بتنا نرى دول الغرب مجرد وحوش مادية لا تقيم وزنا لحياة الانسان الا بمقدار انتاجيته الاقتصادية ....ايطاليا و انقراض اجيال عمرية بكاملها نموذجا...الوساخة الاخلاقية البريطانية التي تجلت بسياسة المهووس جونسون وسياسة مناعة القطيع التي انتهجها و التي تعني التضحية بجميع من لا يصمدون امام الفايروس ايضا نموذجا.. و اما النموذج الصارخ و الاوقح هو ما يمثله ترامب من قيم رذيلة اخلاقيا و انسانيا...يعني بلدا كايران يعاني من الحصار ، تلحقه امريكا في ازمة الكورونا وتعاقب شركات عالمية لانها تمده بمستلزمات طبية !!! الشعب الامريكي مسؤول عن هذا العار التاريخي وان لم يتخلص من تبعاته فسيلحقه هو ايضا تبعة المسؤولية عن كل روح تزهق بفعل الحصار...

انه زمن السقوط المدوي لاكاذيب تحت مسميات حضارية ، ومن الطبيعي ان تنشأ بعد الوباء موازين عالمية جديدة.هناك امبراطوريات من خيوط العنكبوت تسقط الان تنسج على انقاضها خيوط من الروابط الانسانية لعلها تزيح عن كاهل هذه الانسانية المعذبة اسوأ كابوس قد انتابها اسمه التوحش الغربي وحضارته الزائفة.           و السلام