السيد سلام الموسوي المسؤول في مسجد أهل البيت (ع): عدم الاشارة إلى جهود المجموعة التي عملت على فتح المؤسسات الدينية جزء من سياسة الحكومة في التضييق على ممثلي الديانات

  • article

صدى المشرق ـ مونتريال

بعد انقطاعٍ دام أشهرَ متعددة عن صلاة الجماعة والجمعة، كيف ترون هذه العودة؟

الحمد لله تعالى أن تيسرت الامور وأخذت بالسير باتجاه العودة التدريجية إلى نمط الحياة الطبيعية، بالطبع مع العديد من إجراءات السلامة للوقاية من عودة انتشار الجرثوم، "فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً". 

بلا شك أن إجراءات السلامة التي فرضتها الجائحة بها الكثير من الموعظة والعبر، وتحتم على الانسان الالتزام بالتعاليم السماوية وعلى رأسها النظافة والتباعد عند انتشار الأوبئة، حتى حسن التغذية لتقوية الجهاز المناعي...

وضمن هذه العودة إلى الحياة الطبيعية تأتي العودة إلى المساجد والمراكز الاجتماعية والدينية الأخرى، وذلك نظراً لحاجة الانسان إلى الجانب الاجتماعي المتمثل بلقاء الاخرين، والجانب الروحي المتمثل بالانقطاع الى الخالق تعالى في بيته (المسجد)، بما يتضمن ذلك من وشائج روحية مع المعبود يصعب تواجدها خارج المسجد.

 

ما هي الاجراءات المطلوب اتباعها من قبل الادارة والمصلين؟

حرصنا على الالتزام بإجراءات السلامة والوقاية التي طلبتها الجهات الصحية في حكومة كيبيك، مع الاستفادة من أي إجراءات أخرى إضافية نراها مناسبة وتدعم الإجراءات الحكومية الواجبة. وتضمنت وجوب ارتداء الكمامات داخل المسجد، وتعقيم الأيدي عند الدخول، والمحافظة على مسافة مترين بين المصلين، ووضع الارشادات المكتوبة بمنع التصافحِ والدخولِ إلى مرافق المسجد غير الضرورية، وتقصير وقت البقاء في المسجد.

 

هل كان لديكم الوقت الكافي لتحضير المسجد والطاقم العامل فيه للالتزام بالشروط الموضوعة؟

الحمد لله، لقد بدأنا بالاستعداد للعودة باكراً، بما في ذلك تجهيز ما نحتاجه من كمامات إضافية ومعقمات للأيدي وغير ذلك.

 

هذا التباعد ألا يضر بصحة صلاة الجماعة؟

لقد أفتى أكثر من مرجع بجواز التباعد بين المصلين للحد من انتشار الجرثوم والحفاظ على أرواح الناس، وهذا ما يتناسب مع المنطق والعقل. وكذلك فالمصلي يجب أن يكون فكره منقطعاً إلى خالقه في أثناء الصلاة، لا يشوبه أي قلق او خوف من احتمالية العدوى او غيرها.

 

هل هناك تعقيم للمساجد، لا سيما في أماكن السجود مثلاً؟ 

مقابض الأبواب تُعقَّم، والمعقمات توضَع عند المداخل. بالنسبة للسجود، قمنا بتوفير قطع ورقية نظيفة لكل مصلي حجمها يكفي لوضع الكفين والجبهة حال السجود عليها، يلتقطها المصلي عند الدخول ويتخلص منها عند الانتهاء من الصلاة. بهذه الحالة، لا يلامس المصلي أي شي آخر ما عدا قطعته الورقية الخاصة به.

 

العدد المفترض هو 50، فكيف تنظمون هذا الحضور؟ هل بالحجز المسبق مثلاً او ماذا؟ وماذا تفعلون إذا تجاوزَ العدد 50 شخصاً؟ هل واجهتم أحداً رفض مغادرة المسجد بعد أن اكتمل العدد؟ وكيف كانت تنتهي الأمور؟

في أول جمعة بعد فتح المسجد، لم يتجاوز الحضور الخمسين، فعودة الناس إلى الصلاة في المسجد تدريجية. وكان بعض المصلين يتصل بنا للتأكد من إمكانية الحضور وعدم وصول العدد إلى الخمسين ليحظى بالالتحاق بالصلاة. أعتقد ان الناس متفهمةٌ ضرورةَ الالتزام بالاجراءات، ولن تتردد بعدم الدخول إذا أُبلِغَت بامتلاء الصالة بخمسين مُصَلٍّ.

 

كان هناك مسعى من مجموعة مشتركة من عددٍ من الأديان لإنجاز هذا الأمر، لكن الملاحظ ان الحكومة لم تُشِر إلى هذا الأمر حين الاعلان عن السماح بفتح المساجد. كيف تفسرون هذا الامر؟

للأسف، تستمر هذه الحكومة بإجراءاتها غير المنصفة ضد الأقليات، وضد معتنقي الديانات المختلفة المطبقين تعاليمَ دياناتهم، خاصة المسلمين. إن عدم الاشارة الى جهود هذه المجموعة هو جزء من سياسة الحكومة ومنهجها في التضييق على ممثلي الديانات وعدم إعطائهم مكانتهم الطبيعية. أنتهزُ هذه الفرصة لشكر الاستاذ حسن غية، الذي شارك في المجموعة وكان على تواصل مع الجالية، فنقل آراءَها الى المجموعة ثم إلى الحكومة، ثم أوصل التوصيات المتفق عليها إلى الجالية.

 

كيف كانت تجربة المحاضرات والمواعظ عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟

الحمد لله تعالى، كانت تجربة غنية وبها العديد من الجوانب الايجابية، فعلى الرغم من عدم القدرة على اللقاء الاجتماعي فعلياً، وفرت المحاضرات والبرامج عبر وسائل التواصل الاجتماعي جوانبَ وفرصاً لم تكن لتتحقق عبر غيرها. 

أولا: هناك من يسكن بعيداً عن المساجد، وكان ارتياد المسجد يومياً في شهر رمضان المبارك يتسبب بالمشقة، بالأخص لمن لم يتوقف عمله بسبب الجائحة. فكانت متابعة البرامج عبر وسائل التواصل - كل من بيته - أسهل بكثير من الذهاب الى المسجد. وعلمنا ان البعض قد تابع برنامج شهر رمضان كاملاً لأول مرة.

ثانيا: إن متابعة البرامج أصبحت أسهل واكثر راحة، فالمتابع يمكنه مشاهدة البرامج وهو في منزله وعلى راحته، سواء على شاشة "التلفاز" أو الحاسوب أو "التابلت" أو الهاتف، وعندَ الطبخ أو الاستلقاء أو الجلوس. حتى في السيارة يمكنه الاستماع إلى المحاضرات والأدعية وتلاوة القرآن الكريم. وأصبح الشخص قادراً على متابعة برامج أكثر من مسجدٍ او مركز، محلياً أو في أنحاء العالم المختلفة، سواء مباشرة أو تسجيلاً، بما يتناسب ووقت الفرد.

ثالثا: أضف الى ذلك، كون المحاضرين والمتحدثين يتكلمون عبر وسائل التواصل، أتاح ذلك الفرصة لإشراك العديد من الشيوخ والأساتذة والأطباء من بقاع العالم المختلفة، فقد استفدنا في برامجنا من محاضرين أجلاء ومبدعين أفاضل من كندا وامريكا وفرنسا وايرلندا والعراق وغيرها، بِلغات متعددة... وهذا حتما أغنى البرنامج وأضاف له تنوعاً مفيداً وأعطى طعماً خاصاً للبرامج.

رابعا: لا ننسى زيادة المعرفة في الاستعمال الإيجابي لوسائل التواصل، التي اكتسبها جمع كبير من أبناء الجالية كنتيجة طبيعية للاستعمال المتكرر.

 

كلمة أخيرة؟

أرجو ان يمن الله تعالى على البشرية بزوال خطر هذه الجائحة، وتمام العودة إلى الحياة الطبيعية، وأن يرحم الضحايا بواسع رحمته، وأن يمن بالشفاء العاجل على المرضى، وأن يجنب الجميع كل سوء ومكروه. كما أن نستفيد جميعاً من هذه التجربة الصعبة، خاصة الجهات الحكومية والسلطات المعنية، لعلها تتوجه لمعالجة الثغرات التي انكشفت وأدت إلى وفاة العديد من الضحايا، في دُور رعاية كبار السن خاصة.

شكراً لصحيفة صدى المشرق لتغطيتها ما يساهم في رقي الجالية وازدهارها.