عن المبعث النبوي الشريف والداء والدواء - نداء

  • article

في هذه الذكرى العظيمة التي تركت تحولات كبرى في مسيرة التاريخ البشري، وغيّرت معادلة حكم القطبين للعالم آنذاك، أي الفرس والروم، لتُدخِل شعوباً مستضعفةً وفقيرةً في رسم مشهد حضاري جديد، لم يبلوره مرور السنين والايام. بدليل ان ما يعانيه العالم اليوم من انتشار الوباء كان للنبي (ص) رأي وتوجيه فيه، وهذا ما أقر به أحد الباحثين الامريكيين: يقول الدكتور كريغ كونسيدين في مقال بمجلة ”نيوزويك“ الأمريكية، إن ”خبراء مثل خبير المناعة الدكتور أنتوني فاوسي والمراسل الطبي الدكتور سانغاي جوبتا قالا إن النظافة والعزل الصحي وعدم الاختلاط مع الآخرين على أمل منع انتشار الفيروس هي الوسائل الأكثر فعالية لاحتواء فيروس كورونا المستجد“.

وتساءل كونسيدين، الأستاذ والباحث في جامعة رايس الأمريكية: ”هل تعلمون من اقترح النظافة الشخصية والحجر الصحي في خلال فترة انتشار الفيروسات؟ إنه رسول الإسلام محمد، وذلك قبل أكثر من 1300 عام“.

وأردف أن النبي محمد قال: ”إذا سمعتم أن هناك وباءً في أرض ما فلا تدخلوها، وإذا أصابكم وأنتم في مكان ما فلا تخرجوا منه، ويجب أيضا أن لا يختلط المصابون بالمرض مع الآخرين من الأصحاء“.

وتابع أن ”النبي محمد شجّع الناس على سلوكيات النظافة الشخصية، التي تحميهم من العدوى، أو كما قال: النظافة من الإيمان. اغسل يدك بعد الاستيقاظ من النوم، فإنك لا تدري أين تحركت يداك عندما كنت نائماً، كما أن بركة الطعام تكمن في غسل اليدين قبل وبعد الأكل“.

واستعان الباحث بما قاله النبي محمد عن مرض الإنسان، والنصيحة التي وجهها له حال معاناته من الآلام، مبيناً: ”لقد شجّع النبي محمد الناس على تلقي العلاج الطبي، وقال إن الله لم يخلق داءً إلا وكان له دواء، باستثناء الشيخوخة“. 

ولفت إلى أن ”الأهم من ذلك أن النبي محمد كان يعلم متى يربط الإيمان بالأسباب، ففي الفترة الأخيرة بالغ البعض في الحديث عن أن الصلاة ستحميك من الإصابة بالفيروسات بدلاً من الالتزام بالقواعد المتعارف عليها، مثل منع الاختلاط أو العزل الصحي، فكيف كان رد النبي محمد على فكرة أن الصلاة هي الوسيلة الوحيدة للعلاج"؟

وأوضح أنه ”في قصة رواها التاريخ، رأى النبي محمد رجلا بدويا قد ترك ناقته دون أن يربطها، فسأله لماذا لم تربط ناقتك؟ فرد عليه الرجل قائلا إني أثق بِالله، فقال له الرسول اربط ناقتك أولا، ثم ضع ثقتك في الله“.

وختم الباحث الأمريكي مقاله بقوله: ”شجّع النبي محمد الناس على طلب الإرشاد في دينهم، لكنه كان يريد أيضاً أن يتخذوا الإجراءات الوقائية من أجل الاستقرار والسلامة للجميع بكلمات أخرى، فقد كان يريد أن يلجأ الناس إلى المنطق السليم“. والمنطق غير السليم اليوم هو محاولات بعض رجال الدين الظهور بمظهر الحريص على عدم إغلاق المساجد والمراقد المطهّرة، ومتابعة صلاة الجماعة والزيارات، فيدعون الناس إلى مخالفة الاجراءات الاحترازية، وكأن ذلك دليل على عمق الايمان. بينما هو محاباة للجهل ومخالفة للسنة النبوية الشريفة ووصايا الأئمة الاطهار، وفتاوى المرجعيات وتعاليم الاطباء. فهل يحتاج بعض المسلمين إلى بعث نبي جديد يقوّم اعوجاجهم؟؟