نداء : عندما كبّرت الملائكة

  • article

لما كانت ليلة زفاف فاطمة بِعَلي (ع)، أتى النبي (ص) ببغلته الشهباء، وثنى عليها قطفة، وقال لفاطمة: إركبي. وأمر سلمان أن يقودها والنبي صلى الله عليه وآله يسوقها، فبينما هو في بعض الطريق، إذ سمع النبي صلى الله عليه وآله وجبة (صوتاً)، فإذا هو بجبرئيل في سبعين ألفاً، وميكائيل في سبعين ألفاً. فقال النبي صلى الله عليه وآله: ما أهبطكم إلى الأرض؟ قالوا: جئنا نزفّ فاطمة إلى علي بن أبي طالب (ع)، فكبّر جبرئيل، وكبّر ميكائيل، وكبّرت الملائكة، وكبّر محمد صلى الله عليه وآله. فوقع التكبير على العرائس من تلك الليلة.

كثيراً ما نسمع عن حفلات زفاف تُوصف بالأسطورية. وعندما نسأل عن السبب يتبيّن أن الأمر يرتبط بالبذخ والزينة والأموال الطائلة التي أُنفِقت عليها. وهذا لا يعني بالضرورة أن أصحابها ذوو شأن معنوي أو إجتماعي استدعى هذا التوصيف والتعظيم. فلطالما كانت هذه الأموال أماناتٍ للعباد عند الحاكم ليصرفها على مصالح البلاد، فاستأثروا بها دونهم. ولطالما كانت بعض الزيجات نتيجة حب سبقته غزوة أو نزوة أتت بفتاة إلى قفص زوجي لم تكن لتختاره بنفسها. ومع ذلك أضفي عليه الجلال والتعظيم لضرورات المنصب وكرسي العرش.

أما في زواج النورين علي وفاطمة، فإن الجلال والعظمة كانا بفعل اختيار السماء لهذا القِران ومباركتها إياهُ. فلم يكن الاختيار بمعايير الأرض ولا القبيلة ولا العشيرة، ولا لِاعتبارات قريش. لذا عندما تقدّم لطلب يد فاطمة سادة قريش وكبار القوم فيها لم يكن للنبي (ص) أن يقبل أو يرفض قبل فاطمة، ولم تكن فاطمة لترفع رأسها أو تخفضه إلا أن ينزل الوحي على أبيها زافاً موافقة ربّ العزة والجلال.

وهكذا استمرّ الرفض يترى، والصحابة يخرجون خالِي الوفاض حتى جاءت البشرى أنْ زوِّج النور من النور. فلولا عليّ لم يكن لفاطمة كفُؤ في هذا العالم. كيف لا وهي نطفة من ثمار الجنة، لا تليق إلا بوليدِ الكعبة وأوّلِ الفتية إسلاماً وأعلمِ القوم وأشجعِهم وأتقاهُم وأورعِهم.

فسلامٌ على مرَج البحريْن يلتقيان، ومنهما يُخرج الخالق تعالى اللؤلؤ والمرجان. فهنيئاً للأنام فرحة العدنان وتكبير الملائكة في العنان.    نداء  يصدر عن المجمع الاسلامي في مونتريال